بنك الأفكار
قرأت مرة عن فكرة جادت بها قريحة عاملة في مصنع إلكترونيات في اليابان ، كان المصنع يعاني من انخفاض مستوى الجودة ، وتبذل محاولات مستميتة لحل المشكلة ، لكن المشكلة لا تبدو يسيرة الحل ، وكانت تلك العاملة تمر من جوار سور المصنع فوقفت تنتظر الحافلة ، ولكن ذهنها كان مشغولا بمشكلة المصنع ، وفجأة مرّ قطار مسرع من جوار السور ، فهز الأرض من تحت أقدامها فانتبهت فجأة ، وإذا بها تقول : لماذا لا يكون مرور القطار المتكرر بجوار المصنع عاملا من عوامل التأثير على كفاءة المعدات الإلكترونية التي ينتجها المصنع ؟ ، وأعادت العاملة التفكير في الأمر ، وفي الصباح طلبت مقابلة المدير وحكت له انطباعها ، وما لمع في ذهنها ، وإذا المدير ينتبه لما تقول ، وإذا به يدعو لاجتماع لمجلس الإدارة فيتدارسون الأمر ويقررون إنشاء قناة تفصل بين سور المصنع وقضبان القطار، وملئت القناة بالماء ، ونجحت الفكرة العبقرية في إنقاذ المصنع وعودة إنتاجه من المعدات الإلكترونية إلى مستوى الجودة المطلوب .
أعادت هذه الحكاية إلى ذاكرتي الفكرة التي أطرحها اليوم ، وهي فكرة قديمة ، ففي 8/2/ 2010م اقترحت بنك الأفكار ، ولم تكتمل الفكرة وقتها ، فقد كانت أفكاري كلها التي أقول بها أمام زملائي وأصدقائي تجد سخرية مبطنة ، وإشفاقا من تهوّري ، ومن الأمل الكاذب الذي أعيشه كلما طرحت فكرة جديدة ، واليوم بعد أن حققنا المعجزة ، ونجحت الثورة فقد أعدت طرح الفكرة في اجتماع لجنة حماية الثورة بحزب الأحرار في دمياط مساء الاثنين 14 فبراير 2011م ، وقد تحمّلت أمام اللجنة مسؤولية إنشاء "جروب" على الفيس بوك للدعوة للفكرة ، وهأنذا أقدم الاقتراح كاملا .
ليس المفهوم الذي تدعو إليه فكرة بنك الأفكار، مفهوما جديدا على الإطلاق ، بل هو ينطلق من مفهوم "العصف الذهني" وهوأسلوب ابتكره ولسون 1958م ، ويعتمد على الآتي :
1- عدم النقد أو السخرية من أي فكرة مهما بدت سخيفة أو شاذة .
2- تشجيع الفكرة التي تبعد عن المألوف .
3- تشجيع الأفراد الذين يعطون أفكارا أكثر .
4- كلما كانت الفكرة نادرة كانت أفضل .
وبناء عليه فإننا نشجع كل فكرة يطرحها أفراد المجتمع من كل الفئات والأعمار والطبقات ، وكل فكرة تطرح ستكون متاحة للنقاش حولها ودراسة مدى قابليتها للتطبيق ، وأرجو ألا نخلط بين مفهوم بنك الأفكار ومفهوم "مركز التفكير أوالـ Think Tankحيث مفهوم مراكز التفكير مفهوم أكاديمي بحثي ، يحتاج تمويلا ومتخصصين ويقوم على فكرة الدراسة والبحث ، أما بنك الأفكار ، فهو أبسط من ذلك ، وأخف وطأة .
نحن ننشد الفكرة الجديدة حول مشكلات المرور وكيفية حلها في بلدنا مصر أو في مدينة بعينها ، هذا مثال واضح للفكرة التي لا يمانع أحد في الاستماع إليها ، وليس وجود متخصصين دارسين للهندسة وتنظيم المرور بمانع من طرح فكرة حول المرور وتنظيمه وحل مشكلاته.
لدينا الخبرات ولدينا ألمعية الأفكار ومنهما جميعا يمكن لكل مجتمع حي أن يتطور ، ورب فكرة مدهشة وعبقرية جاد بها رأس عامل أجير أو تلميذ صغير أو ربة منزل لم تكمل تعليمها.
ولدي الثقة والأمل في أن المجتمع الذي تختفي منه السلطة القمعية والفساد المالي والإداري ، سوف يتقبل كل فكرة جديدة بروح التقدير والأمل ، وسوف نستفيد من هذه الروح التي بثتها فينا الثورة بعبقريتها المدهشة .
دمياط الجديدة مساء الخميس 17 فبراير 2011م
الخميس، 17 فبراير 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق