الخميس، 7 أبريل 2011

المؤتمر الوطني والحوار الوطني إن التخبط الذي تعاني منه الثورة في مصر حتى الآن أصبح أمرا مسلما ، وهو يدعو إلى القلق بلا شك ، ولكنه لا يدعو إلى اليأس على الإطلاق ، ذلك أن الذين صنعوا الثورة المجيدة لا يصيبهم اليأس ، وليس في نيتهم حتى الآن الكف عن العمل والتوقف عن الفعل الثوري الجاد والإيجابي دائما. ولقد كانت قضية التمهيد للدستور وما أطلق عليه "الحوار الوطني" مما أسفر عنه الفعل السياسي خلال الشهرين الماضيين ، وكلف بهذا الملف الدكتور يحيى الجمل أولا ففشل ، ثم كلف به الدكتور عبد العزيز حجازي ، ويبدو أنه لم يلق قبولا ، ثم خرج علينا تصور ثالث يرى أن الحوار سيحتمل عددا مقداره 2500 مواطن يجتمعون في القاهرة يوم 27 أبريل الحالي كما صرح الدكتور ممدوح حمزة . وإذا كانت مشكلة الجمل وحجازي أنهما كلفا بإدارة حوار تتبناه الحكومة ولا يتبناه الشعب ولا الثوّار ، فإن مشكلة التصور الثالث للحوارأنه جاء أيضا فوقيا متعاليا فلا ذكر للمحافظات والتوزيع الجغرافي إلا على سبيل المنّ أوالمواءمة ، فيجب أن تكون هناك قاعدة ملزمة بأن يكون التمثيل جغرافيا طالما نتحدث عن وطن هو مصر بشمالها وجنوبها ، شرقها وغربها ، بدوها وحضرها ، واديها ودلتاها . إن تمثيل المحافظات هو الضمانة الوحيدة لأي عمل وطني من هذا المستوى ، وهوالذي يمنع عنا التورط في التوكيلات العمومية ، ولقد آن للنخبة المتعالية وآن لنا أن نكف عن التوكيلات العامة في كل مراحل حياتنا ، ولا داعي لأن ننكأ الجراح ونذكر قوما كانوا من الوطن في قلبه وعقله ، فخدموه ورفعوا شأنه ، ولكنهم ظنوا للحظة أن التوكيل العام الذي أعطاهم إياه الشعب في لحظة أزمة هو توكيل أبدي لا تنازل عنه ولا رجعة فيه. وهنا تصور للمسألة نطرحه في إيجاز على النحو التالي : أولا : هذا الفعل السياسي هو " مؤتمر وطني " جامع وهوالذي يدير الحوارالوطني . ثانيا : يكون التمثيل عادلا إذأ أخذنا بفكرة التمثيل النسبي للسكان كما لوكنا في انتخابات قائمة نسبية قومية واحدة . ثالثا : يمثل كل مليون مواطن بمائة شخص يختارون داخل محافظاتهم ويبقون فيها وهم أعضاء المؤتمر الوطني في تلك المحافظات ، فإذا كان سكان المحافظة نصف مليون نسمة فإن المؤتمر الوطني في تلك المحافظة سيتكون من خمسين مواطنا ، وإذا كان سكان المحافظة أربعة ملايين فإن المؤتمر الوطني فيها سيكون عدده أربعمائة مواطن . ولا خوف على القاهرة الكبرى من تضخم العدد في هذا السيناريو لأنها مقسمة فعليا إلى أربعة محافظات أو خمسة ( القاهرة والجيزة و أكتوبروحلوان والقليوبية ) ولن يزيد عدد أي محافظة منها عن أربعة ملايين . رابعا : سيبلغ عدد المؤتمر الوطني في سائر المحافظات 8000 شخص (ثمانية آلاف ) بنسبة واحد لكل عشرة آلاف ، يختار منهم 10% بعدد إجمالي 800 شخص ، وبنسبة واحد لكل مائة ألف ، ليكونوا بمثابة المندوبين عن المؤتمر الوطني في المحافظات ، وتهيأ لهم قاعة مجلس الشعب لمدة يومين كل أسبوع للاجتماع والتحاور ، ثم يعودون لمؤتمرهم العام في محافظاتهم للتشاور مرة أخرى وهكذا دواليك حتى يصل المؤتمر الوطني العام إلى توافق حول أهم القضايا المطروحة للحوار. خامسا : لا شك أن هذا السيناريو ستواجهه مشكلة اختيار المؤتمر الوطني للمحافظة ومكان انعقاده ، وهذا متروك لكل محافظة ، حيث سيكون أمامنا من ثلاثة إلى خمسة أسابيع لإنجاز هذه المهمة وبعدها ينطلق الحوار في المحافظات وبعد أسبوعين آخرين تكون تلك المحافظات قد توافقت على اختيار مندوبيها في المؤتمر الوطني القومي في القاهرة . سادسا : يتضمن هذا التصور أن تكون معاييراختيار الأعضاء مرنة ومتوازنة ، فإذا كانت هناك حصص للنقابات مثلا فلا يجب أن تكون الحصص محددة تحديدا صارما بل تكون توافقية ومرنة ولكنها شفافة في الوقت نفسه ، كما أنه من المتصور أن يراعى تمثيل الفلاحين في المحافظات التي بها أراض زراعية قديمة أو مستصلحة ، ولا يمثلون في المحافظات التي اختفى فيها النشاط الزراعي ، وأن يراعى تمثيل الصيادين أوالنجارين في المحافظات التي يقيم بها عدد معتبر من الصيادين أوالنجارين وهكذا . سابعا : من المتصور أن يكلف المحافظ بحكم منصبه في كل محافظة بإدارة دفة الأمور في مقر المحافظة ، ولكن الثورة عجزت حتى الآن عن فرض محافظين يمثلونها ، وبذلك سيكون علينا البحث عن بديل مناسب ويعلن في سائر وسائل الإعلام عن المكان والجهة التي ستبلغ بأسماء الراغبين في الترشح لشغل مقعد في المؤتمر القومي في كل محافظة . ثامنا : لو افترضنا أننا سنجعل النقابات المهنية والجمعيات الأهلية والجامعات والأحزاب السياسية هي الجهات صاحبة الحق في الترشيح لعضوية المؤتمر الوطني ، فإن كل فئة من هذه الفئات يجب أن تبلغ بموعد تقديم مرشحيها النهائيين للمؤتمر . تاسعا : سيكون على الأحزاب السياسية تقديم البدائل التي تحدث التوازن في التمثيل الفئوي ( نساء أوأقباط أوطلاب ) ولذلك ربما تحصل الأحزاب على نصيب معتبرمن العدد الكلي للمؤتمر في المحافظة ، على أن تلزم بضوابط لتقديم قائمة مرشحيها . على أنه يجب حل مشكلة التمثيل النسبي للأحزاب قبل البدء في طلب مرشحيها . فإذا تعذر تقديم نسب ترضى عنها الأحزاب فيكون البديل أن تعطى للأحزاب حصة واحدة مجمّعة ويكون عليهم التشاور معا وتقديم مرشحيهم في قائمة واحدة . عاشرا: إذا قدمت الأحزاب السياسية مرشحيها ، وظلت هناك مشكلة تمثيل نسبي للطوائف والفئات فإن الجمعيات الأهلية تلزم بسدّ هذه الثغرة من حصتها ، ونحن نملك آلاف الجمعيات الأهلية في القرى والأحياء تحت اسم جمعيات تنمية المجتمع . 7 أبريل 2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق